لا تصدقني إذا قلت لك إنك تعيش حياة أكثر بذخا من حياة كسرى أنو شروان.. و إنك أكثر ترفا من امبراطور فارس و قيصر الرومان.و فرعون مصر.. ولكنها الحقيقة
إن أقصى ما استطاع فرعون مصر أن يقتنيه من وسائل النقل كان عربة كارو يجرها حصان..
وأنت عندك عربة خاصة، وتستطيع أن تركب قطارا، وتحجز مقعدا في طائرة
وإمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع وقناديل الزيت.. وأنت تضيء بيتك بالكهرباء
وقيصر الرومان كان يشرب من السقا.. ويحمل إليه الماء في القرب
وأنت تشرب مياها مرشحة من حنفيات ويجري إليك الماء في أنابيب
والإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز
وأنت عندك تليفزيون يسليك بمليون أراجوز.
ولويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي
وأنت تحت بيتك مطعم فرنسي، ومطعم صيني، ومطعم ألماني، ومطعم ياباني، ومحل محشي، ومحل كشري، ومسمط، ومصنع مخللات ومعلبات، ومربات وحلويات
ومراوح ريش النعام التي كان يروح بها الخدم على وجه الخليفة في قيظ الصيف ولهيب آب، عندك الآن مكانها مكيفات هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي
أنت إمبراطور, وكل هؤلاء الأباطرة جرابيع وهلافيت بالنسبة لك
ولكن يبدو أننا أباطرة أغبياء جدا.. ولهذا فنحن تعساء جدا برغم النعم التي نمرح فيها
فمن عنده سياره لا يستمتع بها، و إنما ينظر في حسد لمن عنده سيارتان. ومن عنده سيارتان يبكي على حاله، لأن جاره يمتلك بيتا . ومن عنده بيت يكاد يموت من الحقد والغيرة لأن فلان لديه عقارات.. ومن عنده زوجة جميلة يتركها وينظر إلى زوجة جاره
وفي النهاية يسرق بعضنا بعضا، ويقتل بعضنا بعضا حقدا وحسدا
ثم نلقي بقنبلة ذرية على كل هذا الرخاء.. و نشعل النار بالم في بيوتنا.. ثم نصرخ بأنه لا توجد عدالة اجتماعية.. و يحطم الطلبة الجامعات.. و يحطم العمال المصانع..و الحقد – و ليس العدالة – هو الدافع الحقيقي وراء كل الحروب
و مهما تحقق الرخاء للأفراد فسوف يقتل بعضهم بعضا، لأن كل واحد لن ينظر إلى ما في يده، و إنما إلى ما في يد غيره، و لن يتساوى الناس أبدا.
فإذا ارتفع راتبك ضعفين فسوف تنظر إلى من ارتفع أجره ثلاثة أضعاف، و سوف تثور و تحتج، و تنفق راتبك في شراء مسدسات
لقد أصبحنا أباطرة.. هذا صحيح.. و لكننا مازلنا نفكر بغرائز ليست انسانيه
تقدمنا كمدينة و تأخرنا كحضارة.. ارتقى الإنسان في معيشته.. و تخلف في محبته..
أنت إمبراطور.. هذا صحيح.. و لكنك أتعس إمبراطور
إلا من رحمه الله بالرضى
وعز من قال
(وقليل من عبادي الشكور)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق