Ads 468x60px

.

الاثنين، 25 يوليو 2011

رثاء الانـــــدلس للشاعر ابو البقاء الرندي

الأندلس






لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ --- فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ

هي الأمورُ كما شاهدته ادُولٌ --- مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ

وهذه الدار لا تُبقي على أحد --- ولا يدوم على حالٍ لها شان

يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ --- إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصتانُ


وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ --- كان ابنَذي يزَن والغمدَ غُمدان


أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ --- وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ 

وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ --- وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ


وأين ما حازه قارون من ذهب --- وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ

أتى على الكُل أمر لا مَرد له --- حتى قَضَوا فكأن القوم ماكانوا

وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك --- كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ

دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه --- وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ

كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ --- يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ

فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة --- وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ

وللحوادث سُلوان يسهلها --- وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ

دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له --- هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ --- حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ

فاسأل(بلنسيةً) ما شأنُ(مُرسيةً) --- وأينَ(شاطبةٌ) أمْ أينَ(جَيَّانُ)

وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم --- من عالمٍ قد سما فيها له شانُ

وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ --- ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ

قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما --- عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ

تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ --- كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ

على ديار من الإسلام خالية --- قد أقفرت ولها بالكفرعُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائسَ --- مافيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ --- حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ --- إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ

وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ --- أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ

تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها --- وما لها مع طولَ الدهرِنسيانُ

يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً --- كأنها في مجال السبقِ عقبانُ

وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ --- كأنها في ظلام النقع نيرانُ

وراتعين وراء البحر في دعةٍ --- لهم بأوطانهم عزٌّوسلطانُ

أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ --- فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم --- قتلى وأسرى فما يهتزإنسان

لماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ --- وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ 

ألا نفوسٌ أبَّياتٌ لها هممٌ --- أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ --- أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ

بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم --- واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ

فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ --- عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ

ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ --- لهالكَ الأمرُواستهوتكَ أحزانُ

يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما --- كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت --- كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ

يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً --- والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ --- إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

المشاركات الشائعة

أكثر المواضيع زيارة دوماً

أكثر المواضيع زيارة خلال شهر