(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( المدثر31).
هذا النص القرآني الكريم جاء في أوائل آيات النصف الثاني من سورة المدثر وهي سورة مكية,و وآياتها ست وخمسون(56) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم الذي هو كناية عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ كناه الله - سبحانه وتعالي - به لأنه - صلوات الله وسلامه عليه - عاد إلي بيته من غار حراء مرتعدا مما سمع من الوحي لأول مرة, فقال لزوجته أم المؤمنين السيدة خديجة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ فور عودته إلي البيت: دثروني, دثروني, فنزلت هذه السورة المباركة التي يدور محورها حول تكليف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالنهوض بأعباء الدعوة إلي الله, محذرا الناس من عذاب الآخرة إن لم يؤمنوا بربهم وخالقهم ورازقهم: الله الواحد الأحد, الفرد الصمد, المنزه في أسمائه وصفاته عن جميع خلقه, وتأمره الآيات أن يعظم ربه, وان يطهر ثيابه, وان يترك كل أمر يستوجب غضب الله وعذابه, وألا يستكثر ما يعطيه للناس مما رزقه الله ـ سبحانه وتعالي ـ وان يصبر علي تنفيذ أوامره.
ثم تنتقل الآيات بالحديث عن شقي كافر باسم الوليد بن المغيرة, الذي هزه ما استمع إليه خلسة من القرآن الكريم, واعترف بأنه لا يمكن أن يكون بقول بشر, إلا أن تمسكه بالدنيا وحبه للزعامة والرئاسة دفعه إلي إنكار اعترافه وإلي الكذب بالادعاء علي القرآن الكريم بأنه من السحر الذي نقل عن الأولين, فجاءت الآيات مهددة له ومتوعدة إياه بنار جهنم وعذابها.
وحينما نزلت هذه الآيات نطق كافر آخر هو أبو جهل عمرو بن هشام مستهزئا بقلة أعداد خزنة جهنم فنزل قول ربنا تبارك وتعالي:(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِبشرِ ) ( المدثر31).ثم تنتقل الآيات بعد ذلك إلي القسم بالقمر, وبالليل عند انتهائه, وبالصبح إذا طلع نوره وانكشف علي أن جهنم هي احدي البلايا الخطيرة للخلق المكلفين, فمن شاء منهم أن يتقدم إليها أو يتأخر عنها بعمله, فكيف يستهين بها الكفار المكذبون بالدين ويستهزئون بخطرها؟!
والقسم من الله ـ تعالي ـ هو من قبيل تنبيهنا الي خطر الأمر المقسم به وأهميته, لأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ غني عن القسم لعباده.
وتختتم سورة المدثر بالتأكيد علي أن كل نفس مرهونة عند الله ـ تعالي ـ بعملها في الدنيا, وأنها لا تفك من قيدها حتى تؤدي ما عليها من حقوق( إلا أصحاب اليمين) من عباد الله المؤمنين الذي فكوا قيودهم ورقابهم من عذاب الآخرة بإيمانهم بالله تعالي والتزامهم بطاعة أوامره, واجتناب نواهيه, فيدخلهم ربهم جنات النعيم, وهم فيها يتساءلون كأنهم في حوار حي مع المجرمين من الكفار والمشركين والطغاة الباغين في الأرض والمتجبرين علي الخلق, وأولئك المجرمون يجيبون معترفين بجرائمهم في الحياة الدنيا.
وترد الآيات في ختام هذه السورة المباركة بقول ربنا تبارك وتعالي:
( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً * كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآخِرَةَ * كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ ) ( المدثر:52 ـ56).
من ركائز العقيدة في سورة المدثر:
(1) الإيمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
(2) التصديق ببعثة الرسول الخاتم, وبالقرآن الكريم الذي أنزله الله ـ تعالي ـ إليه هداية للخلق أجمعين إلي يوم الدين.
(3) اليقين بحتمية الآخرة, وبكل ما جاء عن أهوالها وأحداثها في كتاب الله, وأول ذلك النفخ في الصور: نفخة البعث والنشور التي عبرت عنها سورة المدثر بقول ربنا تبارك وتعالي: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) (المدثر:8) وذلك من قبيل بيان هول الأمر وشدته.
(4) التسليم بأن كل نفس بما كسبت رهينة الا أصحاب اليمين.
(5) الإيمان بحقيقة كل من الجنة والنار وبحتمية الخلود في أي منهما, وبأن أهل النار لا شفيع لهم في يوم القيامة.
من ركائز العبادة في سورة المدثر:
(1) ضرورة الدعوة إلي دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وبالجدال بالتي هي أحسن, وبالصبر علي ذلك.
(2) الأمر الإلهي بالمحافظة علي كل من الطهارة الحسية والمعنوية, طهارة كل من الثوب والبدن, والنفس والسلوك من القاذورات والنجاسات والمعايب والآثام التي تؤدي إلي غضب الله ووقوع عقابه.
(3) النصح بالمداومة علي ذكر الله, وتعظيمه, وتنزيهه عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله.
(4) النهي عن المن بعد العطاء أو انتظار العوض بأكثر منه.
(5) ضرورة الصبر علي أداء الطاعات و المصابرة عليها.
(6) الأمر الإلهي بضرورة المحافظة علي الصلاة المفروضة, والحرص علي إطعام المساكين.
(7) التنبيه إلي خطورة الكلمة, وذلك بالتحذير من الخوض في أعراض الناس أو من المشاركة في ذلك مع الخائضين.
من الإشارات العلمية في سورة المدثر:
(1) القسم بالقمر إشارة إلي أهميته في استقامة الحياة علي الأرض.
(2) القسم بتبادل كل من الليل والنهار وهو من ضرورات استقامة الحياة علي الأرض.
(3) الإشارة إلي جنود الله التي لا يعلمها إلا هو ـ سبحانه وتعالي.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها, ولذلك أركز هنا علي ما قد علمنا من جند الله عبر تاريخ البشرية الطويل.
من أوجه الإعجاز العلمي في الإشارة إلي جنود الله:
جاءت الإشارة إلي جند الله سبحانه وتعالي في العديد من آيات القرآن الكريم التي منها قوله تعالي:
(1) (ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ) ( التوبة:26).
(2) (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )( التوبة:40).
(3) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً )( الأحزاب:9).
(4) ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ) ( يس:29,28).
(5) ( وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ )( الصافات:173).
(6) ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً * وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً * وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) ( الفتح:4 ـ7).
(7) (... وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( المدثر:31).
والواضح من هذه الآيات أن جنود الله كثيرون لا نعلمهم ولكن الله - تعالي - يعلمهم ويسخرهم علي من يشاء من عباده وقتما يشاء, وحيثما يشاء, وبالقدر الذي يشاء.
والآيات تشير إلي أن من جند الله ما لا يراه الناس ومنهم ما قد يدركونه, ومن الجند المدركين: الريح, الصيحة, الزلازل, البراكين, العواصف, الأعاصير, الأوبئة والأمراض, والإعاقات المختلفة, الحرائق والإغراق وغير ذلك من الابتلاءات المحسوسة.
ومن الجند غير المدركين الملائكة وهم خلق من نور, لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون, ولا يتصفون بذكورة أو أنوثة, وهم خلق مكرمون, علي حال واحدة لا يطرأ عليها تحول أو تبدل إلي أن يشاء الله - تعالي -, وعلمهم ومعرفتهم مما يتلقونه من الله - تعالي - مباشرة, وهم مفطورون علي عبادة الله وتسبيحه وحمده وتمجيده وطاعته دون توقف أو فتور:( لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)( التحريم:6).
والملائكة هم أهل السماء, ولكن ينزلهم الله - سبحانه وتعالي - إلي الأرض في مهام محددة كما أنزلهم لأنبيائه ورسله ومنهم إبراهيم ولوط ومحمد - صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين - كما أنزلهم للسيدة مريم العذراء - رضي الله عنها, كما أنزلهم في غزوة بدر وفي ذلك يقول الحق - تبارك وتعالي -:
( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ) ( الأنفال:9 -13).
وفي نفس الموقف جاء في سورة آل عمران قول ربنا - تبارك وتعالي -:( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ ) ( آل عمران:124 -127).
من هذا الاستعراض السريع يتضح أن لله جنود السماوات والأرض ما نعلم منهم وما لا نعلم, ومن جنود السماوات التي أخبرنا بها القرآن الكريم الملائكة وهم خلق من نور لايراه الإنسان, وعالمهم عالم الصفاء والطهر والنقاء, وهم من أهل السماء الذين ينزل الله - تعالي - منهم إلي الأرض من يكلفون بمهام يأمرهم بها الله.
ومن جند السماء الريح وما تحدثه من عواصف وأعاصير, والرعد, والبرق, والظلمات وما يصاحبها من مخاطر, والصيحة, وغضب الله - تعالي - ولعناته التي ينزلها علي الظالمين من عباده وما يدخل تحت مظلة دائرة السوء من امور.
ومما نعلم من جند الله في الأرض: الزلازل, والبراكين, والعواصف والأعاصير, والقحط والجدب والجفاف, والسيول المغرقة والفيضانات الجارفة, ومختلف أنواع الأمراض والأوبئة, أما ما لانعلم من جند الله فهو أكثر من ذلك بكثير لأن الغيوب من حولنا أكثر مما نعلم بعشرات المرات, ويكفي في ذلك أن يعترف علماء الفلك بأن ما يدركونه بكل تقنياتهم المتطورة في الكون المدرك هو أقل من(10%) أي أقل من عشر ماهو فعلا موجود فيه بالحسابات الرياضية والفيزيائية الفلكية, من هنا تتضح ومضة الإعجاز العلمي في قول ربنا - تبارك وتعالي -:(...وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( المدثر:31).
فجنود الله - تعالي - في السماوات والأرض من الأمور الغائبة عنا - نحن معشر البشر -: حقيقة كل منها, ووظيفته, والقدرات التي وهب الله - سبحانه وتعالي - إياها والله يكشف لنا ما يريد الكشف عنه من أمر جنده الذين لانعرف لهم كنها ولاحصرا ولا عدا, وقوله - تعالي - في مثل هذه الأمور الغيبية هو القول الفصل, وليس لأحد من خلقه أن يجادل فيه, أو أن يحاول معرفة ما حجبه الله - تعالي - عنه, فليس له إلي ذلك من سبيل..! فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام - صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين وعلي من تبع هداه, ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق